عن الأمومة والعنف
إيمان مرسال
أقول: «أنتِ لن تهزميني
لن أكون بيضةً لتشرخيها
في هرولتكِ نحو العالم.
جسر مشاة تعبرينه
في الطريق إلى حياتِك
أنا سأدافع عن نفسي»[1]
المقطع السابق من قصيدة للشاعرة البولنديّة أنّا سوير (١٩٠٩–١٩٨٤)، تتحدث فيه إلى ابنتها المولودة للتوّ. لكن القصيدة نُشرت لأول مرة في بداية السبعينيّات، أي بعد تجربة الولادة بثلاثين عاماً على الأقل — آخذين في عين الاعتبار سيرة حياة الشاعرة. من الصعب ألّا نتساءل كقرّاء، إذا كانت سوير قد احتاجت لكل هذه السنوات لتربي غضباً ما تجاه مولودتها، لتعيد استرجاع أو تطوير هذا الغضب في قصيدة عنوانها «أمومة»، حيث تصل المولودة لتهدّد حياة الأم ووجودها. عُمق ما أمسكتْ به «سوير» ليس في تعميم الصراع بين الأم ومولودها — إنه ليس صراع ملكيّة ولا جندر ولا أجيال — بل في ربطه - أي الصراع - بالولادة كعملية بيولوجيّة يشترك فيها كائن عاش وتكوّن وقام باختيارات ما، تخصُّ وجوده قبل لحظة الولادة، وهذا الصغير، الدّمية الذي خرج للحياة لتوّه من أحشاء الكائن الأول.
هذا الصراع بين الأم ومولودها يخرج على الأرشيف الإنسانيّ العام حيث الأمومة عادةً عطاء، تماهي بين ذاتيْن، حبٌ غير محدود أو مشروط إلى حدٍّ كبير. وكأنّ قصيدة سوير تجعلنا نفكر في أمومتيْن: أمومة المتن — الذي تكون عبر الخطابات الدينية والفلسفات والأخلاق والقيم الاجتماعية المقبولة — حيث يُنظر إلى الأمومة كفطرة إنسانيّة محميّة بشكلٍ طبيعيّ من الصراعات والتوترات. وأمومة في الهامش قد تجد شظاياها السرديّة في بعض كتب الطب والنصوص الأدبيّة وقصص الجرائم الأسريّة، حيث هناك أصوات متفرقة تحاول، عبر المرض النفسيّ أو الكتابة أو الجريمة، التعبير عن الرعب والصراع والتوتر داخل أمومتها. ما يشغلني هُنا ليس كيف استقرّت ملامح محددة للأمومة داخل المتن العام، ولكن كيف نُنصت إلى ما يخرج عليه ويعارضه. كيف يمكن أن نرى أنّ الأمومة الموسومة بالإيثار والتضحية تنطوي أيضاً على الأنانيّة وعلى شعور عميق بالذنب. كيف يمكن أن نراها في بعض أوجهها صراعَ وجود، توتراً بين ذاتٍ وأُخرى، وخبرة اتصال وانفصال تتم على عدة مراحل مثل الولادة، والفطام، والموت.
مثاليّةُ الأمومة في المتن الثقافي العام تسبب مزيداً من الشعور بالذنب عند هؤلاء الذين يشكّون في كنّه هذه المثاليّة داخل خبرتهم الشخصيّة. إنها تُقابل التعبير عن كل خبرة مختلفة بإدانة أخلاقيّة واجتماعيّة، ربما لهذا هناك ندرة في سرد خبرات الأمومة خارج المتن المتفق عليه. ربما لهذا أيضاً احتاجت سوير إلى عقود لتتحرر فيها من قوْل ما هو متوقع منها، وهو ما لم يكن ليحدث في كل الأحوال بدون جهودٍ شتّى وسّعت التساؤلات النسويّة عن كل ما تمّ تعميمه وتنميطه في علاقة المرأة بجسدها وبالعالم.
شرخ الأمومة يبدأ من الداخل
ترفض الأم أن تكون بيضة يشرخها المولود في طريقه لحياته. يكمن هنا رعب التهديد وجديّته؛ لحظة ولادة شخص جديد تتطلب موت الكائنات الأخرى، موت السابق شرطٌ لا غنى عنه لكي يحصل الجديد على مجالٍ لحياته كما يرى جورج باتاي[2]. وكأنّ ما يراه باتاي الجانب الساحر في مأساة الحياة هو ما تراه سوير تهديداً بالفناء، الجانب المأساويّ في أكثر لحظات الحياة سحراً. في الحالتيْن يبدأ شرخ الأمومة من الداخل.
في كتابه «الجين الأناني»، يصف ريتشارد داوكنز الحروب اللانهائية التي على الجين أن ينتصر فيها من أجل الحفاظ على النوع. البقاء ليس للأصلح فقط بل للأكثر أنانيّة وقدرة على كسب معركة االوجود ضد الجينات الأخرى.لا توجد تضحية غير مشروطة؛ إنكار الذات عند داوكنز هو وسيلة للحفاظ على الجينات، الاستثمار في الجين مرهون بإثبات قدرته على الاستمرار وحده بعد ذلك[3] . يأخذ الجنين نصف جيناته من الأم، ويعتمد عليها في كل ما يحتاج ليعيش، حتى لو كان ما يحتاجه ضدَّ مصلحتها. طريقة الجين المبرمجة على الأنانية تُسخّر جينات الأم وتجعْلها تنكر ذاتها من أجله عبر «الحب». إذا تخيّلنا أن رغبة امرأة في أن تكون أمّاً لا تخلو من رغبتها الفرديّة في أن يكون هناك امتدادٌ لها، صورةٌ منها، جزءٌ منها تتركه في الحياة بعد موتها؛ فإن الحب والإيثار والتضحية مشاعر ليست بريئة من أنانيّة الأم ومن حبِّ الذات.
بنفس الدرجة، يمدّنا أي وصف طبيّ لعمليّة الحمل والولادة بمجازات عديدة عن التهديد والصراع والانتقاء والاستثمار والخطر؛ يدافع الرحم عن نفسه ضد الجنين الضار، يزداد جداره سُمكاً وهذا ما يؤدي إلى الحيض، إنها الوسيلة التي يختبر بها جسم الأم صلاحيّة الجنين حتى يقبل باستمراريّته. على جسد الأم أن يتأكد أن الحمْل هو استثمار جيد للمستقبل.
ستتكوّن المشيمة إذا كسب الجنين معركته، لكن في نفس الوقت لابدّ من تكوّن غشاءٌ رقيقٌ يفصل دم الأم عن دم الجنين، الانفصال لا التماهي هو شرط النجاة لكليْهما. يحمل الحبل السرّيّ الغذاء والأوكسجين من الأم لجنينها والنفايات من الجنين لأمه، ولكن خلال نقل ما هو ضروريّ من أجل الاكتمال قد تنتقل الأمراض من جينات الأم إلى ما تحمله. بيولوجياً، الجنين كائن غريب داخل جسد أمه، طفيليّ، وقد يصيبها أيضاً بعدد كبير من الأمراض عبر وجوده داخلها كما قد يتسبب في موتها قبل الولادة أو أثنائها أو حتى بعدها. هذا الصراع الذي يحدث في المستوى البيولوجي لا يمكن أن نتوقع اختفاءه من العلاقة بين الأم وطفلها بعد الولادة. إنه الصراع الذي قد يجعل في كل تضحية من الأم تجاه طفلها شعوراً ملتبساً بالتهديد، وفي كل ممارسة منها في حب ذاتها شعوراً عميقاً بالذنب.
قصّة
أشار ابني إلى تمثال ضخم يتواجه على قاعدته تمساح وسمكة قرش ثم سأل:
— إذا تعارك التمساح مع سمكة القرش، من الذي سينتصر؟
— لا أعرف، مَن سينتصر في رأيك؟
— الديناصور طبعاً!
الذنب
إذا كان هناك صراع بين ذات الأم وذات طفلها فلن ينتصر أحدهما، سينتصر الديناصور «طبعاً»؛ إنه «الذنب». يبدو الشعور بالذنب وكأنه الشعور الذي يوحّد الأمهات على اختلافهن.[4] إنه يكمن في المسافة التي تقع بين الحلم والواقع مثلما في البنوّة والحب والعمل والصداقة، هو أيضاً نتيجة المسافة بين مثالية الأمومة في المتن العام وبين اخفاقاتها في الخبرة الشخصيّة. إنه شعورٌ جوهريّ حتى أنه يصلح كتعريف لممارسات الأم في حياتها اليوميّة: ابنك وزنه أقلّ من معدّل وزن من هم في عمره، لابد أنك لا تطعميه ما يكفي. لقد استيقظ فزعاً من كابوس لأنه لا يشعر بالأمان. أنتِ لم تحضنيه أمام باب المدرسة لأنك كنت متأخرة عن عملك. ولم تتعلمي التزحلق على الجليد ورغم أنكِ تذهبين معه وتقفين في طابور في درجة حرارة عدة عشرات تحت الصفر فلن تستطيعي مساعدته في لبس هذا الحذاء العجيب وهو في النهاية سيذهب للتزحلق وحده بينما أنتِ تجلسين في المقهى تقرأين كتاباً في انتظاره. أنت امرأة متعكرة المزاج في الصباح ومشغولة البال في المساء. الأمهات الأخريات يستمتعن بلعب الشطرنج ويحفظن الكثير من أغاني الأطفال.
الأم التي لا تشعر بالذنب تجاه أطفالها، هي تلك التي أتاها ملاكٌ في لحظة الولادة وشقّ صدرها، استأصل النقطة السوداء التي هي منبع الشرّ، حرّرها من هويّتها السابقة وشفاها من العدميّة أو الطموح، تماماً كما يحدث مع الأنبياء في عمليّة تجهيزهم للنبوّة.
لا يرتبط الشعور بالذنب بالتقصير فقط ولا بتمزق المرأة الحديثة بين العمل والأمومة. إنه ينبثق أحياناً من نموذج مثالي للأمومة، حيث لا نهاية لما يمكن أن تقدمه الأم لطفلها من حب وحماية واستثمار في الوقت والتعليم…إلخ. إنه قد يأتي من التاريخ الشخصيّ السابق على الأمومة.
بمجرد تأكدي من الحمل الذي أردته بكامل إرادتي، لم أشعر بالفرح الذي توقعته؛ سيطر عليّ طوفان من المخاوف والرعب من أن جسدي غير صالح للقيام بهذه المهمة. كنتُ في الثانية والثلاثين، واكتشفتُ فجأةً أنني لم أهتم بصحتي أبداً، أن الجسد كان مجرد وعاء لما أظنه نفسي، آلة لا تُطالب بشيئ ومع ذلك فمن المنتظر منها الاستمرار في الخدمة. كنت قد بدأت التدخين بشراهة قبل عشر سنوات، عشتُ نمط حياة شبه بوهيميّ حيث لا يحتاج الجسد إلى وجبات منتظمة ولا إلى ساعات محددة من النوم. هذا، بالإضافة إلى تاريخ من أدوية الاكتئاب والمنوّمات والمسكّنات وغيرها مما وصلت إليه يديّ. هذا هو تاريخ جسدي قبل الحمل، أما بمجرد حدوثه، فقد ظهرت مؤسسات شتّى تعمل ليلاً نهاراً على تنويري بكل المخاطر الممكنة التي قد يسببها هذا التاريخ الشخصيّ للجنين. الشعور بالذنب كان أسبق في أمومتي من كل المشاعر الأخرى.
قصّة
كلمتُ أبي في صباح أحد أيام الشهر الثالث من الحمل، سألته إذا كنتُ قد أصبتُ وأنا صغيرة بالحصبة الألمانيّة. قال لي: أنتِ لم تصابي بالحصبة التي نعرفها ولكن ما هي الحصبة الألمانيّة؟ لم أكن أعرف في الحقيقة إذا كنا نتكلم عن حصبتيْن مختلفتيْن. كل ما حدث أنني قرأت في الليلة السابقة عن مخاطر إصابة الأم بالحصبة الألمانيّة، وكيف أن العدوى يُمكن أن تنتقل إلى الجنين وتؤدي إلى ولادة طفل أبكم أو أعمى أو بتشوّهات في القلب والجهاز العصبي. لم يخطر ببالي أني سأختلف مع أبي على المصطلح الطبيّ. سألته إذا كان من الممكن أن يحصل على تقرير من الوحدة الصحية التي نتبعها بكل التطعيمات التي حصلتُ عليها كطفلة. ردّ أبي ببساطة أن الوِحدة التي كنا نتبعها حتى نهاية السبعينيّات تم هدمها وأنه رأى بأم عينيه كيف تمّ حرق كل الملفات التي كانت بها قبل الانتقال لمبنى آخر.
مع المؤسسات وضدّها
ربما أكون قد فكرتُ أن عدم قراءة كل هذه المعلومات عن الحصبة الألمانيّة أكثر رحمة من معرفتها. أن المعرفة الدقيقة بابٌ للرعب والكوابيس، بينما المؤسسة الوحيدة التي كان يمكن أن تطمئنني، اختفت. جسد بلا تاريخ طبيّ موثق يواجه ثورة الطب الحديث التي تُسائل وتستشرف مستقبله جزئياً من تاريخ أمراضه وتطعيماته.
لا تستطيع المرأة الحديثة أن تنعم بالسكينة وهي محاصرة بمعرفة ما يحدث في جسدها الحامل يوماً بيوم؛ الطبيبة، منشورات مكتب الصحة، كتب الإرشادات التي تقول لها ماذا تأكلين وكيف يجب أن تشعري، وما هي معدّلات زيادة الوزن التي ستمرّين بها في كل مرحلة، تقارير طبيّة تصف لها ما تشعر به من غثيان وأحلام غريبة في الشهور الأولى، أو آلام الظهر وازدياد مرات التبوّل في الشهور الأخيرة. الأكثر من ذلك؛ جبل من الكتب المطبوعة والمواقع الطبيّة المتخصصة على الانترنت تحذّر من الكوارث التي من الممكن أن تمر بها هي ومن في بطنها؛ من الإجهاض إلى الولادة المبكرة، من تسمم الحمل إلى تشوهات الجنين، من جدري الماء إلى احتمالات إنجاب طفل معوّق، مُشوّه، مُصاب عيوب خلقيّة.
هل تقف مؤسسات الطب الحديثة بين الأم وجنينها؟ هل قصدتُ من القصة السابقة أن معرفة مخاطر الحمل تسبب الكثير من التوتر لا البهجة التي قد تأتي من الجهل بها؟ هناك كتابات مهمة تنتقد دور مؤسسات الطب والطفولة والأمومة في الغرب[5]، لكني في الحقيقة لا أستطيع أن أتبّنى هذا الموقف في «نقد» هذه المؤسسات، دون الاعتراف بأن هذا التبني في حالتي ستنقصه الأصالة. طبقاً لمنظمة الصحة العالميّة، هناك ما بين ٢٨٩,٠٠٠ و ٣٤٣,٠٠٠ امرأة تموت سنوياً خلال تعقيدات الحمل والولادة، وأن ٩٩٪ من هذا العدد يموت في ما يُسمى بالعالم الثالث[6]. أنا مررت بتجربة الحمل والولادة في العالم الأول وتمتعتُ بآخر انجازاته الطبيّة، ولكنني في الأصل أنتمي لما يُسمّى بالعالم الثالث. موقفي من مؤسسات الطب والطفولة والأمومة شائك ولصيق بخبرتي في العالميْن. عرفتُ في طفولتي نساء مُتن أثناء الولادة، يمكنني أن أحكي قصصاً كثيرة عن ذلك، ولكن لماذا نذهب بعيداً، يكفي أن أقول أن أمي نفسها ماتت في سن السابعة والعشرين بعد عدة ساعات من ولادة طفل ميّت. أنه لم يكن في متناول يدها كتب لتقرأها فتعرف أن سكون الجنين لعدة أيام في الشهر التاسع علامة خطر، أن المستشفى التي ذهبت إليها لم تكن قادرة على إنقاذها. أمي التي ماتت في سبعينيّات القرن العشرين، مثال نموذجيّ لكثير من نساء العالم الثالث إلى اليوم، نساءٌ يلدْن — للحظ السيء — في لحظة يتعرّض فيها الطب التقليدي والتبادل الشفوي للخبرات لانقطاع واضطراب بسبب الحداثة، بينما لا تتوفّر لهنّ مؤسسات طبية تستطيع أن تقوم بهذا الدور بسبب تعثّر نفس الحداثة.
قصّة
ولدتُ ابني الأول في كندا، بعيداً عن الأهل وفي شبه عزلة حيث كنتُ قد وصلت إليها منذ شهور فقط وليس لي فيها أصدقاء بعد، لكن كانت هناك الرعاية الكاملة من المؤسسات الطبيّة. أثناء زيارة روتينية للطبيبة، قالت لي بجديّة أنها تشتبه في إصابتي باكتئاب ما بعد الولادة. أعطتني كتيباً عن المرض وأرسلتني إلى «جروب ثيرابي» يضم خمس أمهات أو مريضات غيري ويواجهن صعوبات مختلفة. على مدى ستة أشهر كنا نجتمع مرّة أسبوعياً مع طبيب نفسيّ ومتخصصة اجتماعية. كان يُطلب منّا في كل مقابلة أن نقوم بتدريب محدّد يُسمّى «واجب» ؛ مثل أن نحكي عن أكثر لحظة رعب مرّت كلٌّ منا بها في الأسبوع السابق، عن أي رغبة في إيذاء الذات أو الطفل، عن الأحلام والكوابيس وعدد مرّات البكاء المفاجئ. كلّهن كنديّات وُلدن وعشن في هذه المدينة ولديهنَّ دعم أسريّ بشكل أو بآخر ما عدا أنا وطبيبة إيرانيّة لم تستطع بعد أن تحصل على شهادة ممارسة تخصّصها في كندا.
إحدانا كانت تكره أمها للغاية أو هكذا قالت: «أنا أكره أمي وأحتقرها أكثر من أي شخص في العالم، أنا يقتلني الرعب أن تكون علاقتي بطفلتي مثل علاقتها بي». واحدة منّا كانت تُعاني من الأرق، تراقب ابنها طوال نومه حتى توقظه إذا توقف فجأة عن التنفّس. حكت لنا الإيرانيّة أنها ولدت ابنها ولادة طبيعيّة في المستشفى، أن كل شيء مرّ على ما يرام ما عدا أنها فشلت لأسبوع كامل في إرضاعه رضاعة طبيعيّة: «تحجّر اللبن في صدري، ابني عنده عيب خلقيّ في شفته السفلى يمنعه من استدرار اللبن. جرّب الأطباء معي كل شيئ ولم أنجح. كلّمت جدّتي في أصفهان وحكيت لها ما يحدث لي. قالت احضري مشطاً أسنانه ضيقة، ضعيه في ماء دافئ وبعد تجفيفه دلّكي صدرك عدة مرات كل ساعتين، قالت لي أيضاً ضعي الطفل تحت إبطك بحيث تكون قدميْه خلفك واسندي رأسه بيدك كأنك ترقصين معه واقفة وهو سيرضع، ونجحتُ في إرضاعه في أقل من يوم». لا شك أننا جميعاً انبهرْنا من عبقريّة النصيحة التقليديّة ونجاحها، لكن الطبيبة الإيرانيّة بدت تعيسة للغاية. بدا لي وكأنها غير قادرة على الاستمتاع بهذه التجربة لأن أمومتها حدثت في غير مكانها الأصليّ، أوأن فرحتها بها مؤجلة حتى تعود إليه. انتبهتُ إلى أنه بصرف النظر عن فاعليّة «الجروب ثيرابي» والمؤسسة التي تقف خلفنا، فأنا وهي لا نشعر بالأمان لأننا دخلنا إلى التجربة ونحن بعيدتان عن الأهل ولأن هناك مرجعيّة ما نفتقدها في الغربة.
مرجعيّة الأمومة
يبدو أن التفكير بالأمومة يستدعي النظر في نفس اللحظة إلى اتجاهيْن مختلفيْن؛ اتجاه الماضي عندما كنتِ ابنة لأم، واتجاه المستقبل عندما أصبحت أماً لطفل. لا أعرف بأي طريقة تشكّل البنوّة أمومتنا لكن في مقدوري أن أتخيّل استحالة تحييدها أو تفاديها. هل يمكن أن يكون ذلك في حدِّ ذاته سبباً غير مرئيّ لتوتر أمومتنا؟ إذا كانت أمكِ بالغة الحنان فربما تريدين أن تكوني مثلها وربما تشعرين بالذنب لأنّك لا تستطيعين ذلك. إذا كنتِ مشروع أمك الأول الذي استثمرتْ فيه كل ما تملك لتكوني كما تريد فقد تكرري نفس الاستثمار مع طفلك، أوقد تراقبي نفسك حتى لا تعذبيه — أنت التي تعذبتِ لتتحرري من طموحات أمك. سواء كانت أمك مسالمة أو عنيفة، دافئة أو باردة، عاقلة أو مجنونة، فلابد أن هناك مرجعيّة لكيف تكون أو لا تكون الأمومة التي تحلمين بها. لكن ماذا لو كانت أمك قد ماتت قبل أن تكوّني ذاكرة عن علاقتها بك، ماذا عن غياب الأم أو اختفائها كمرجعيّة شخصيّة يمكنك أن تتبنيها أو تتعاركي معها عندما تصبحين أماً؟ وماذا عن تجربة الأمومة في الغربة، حيث تغيبين أنتِ عن «وطنك» الأم؟ هل هذا يجعلكِ أكثر حريّة أم أكثر ضياعاً في ممارسة دورك كأم؟
قد تكون حوّاء هي المرأة الوحيدة التي مرّتْ بخبرة الأمومة بدون أي ذاكرة شخصيّة أو جماعيّة عن كونها بنتاً لأم، بدون مرجعيّة تستضيء بها. كيف ولدتْ حوّاء مولودها الأوّل إذن؟ كيف تصرّفت مع الغثيان خلال الشهور الأولى، وهل أحبّت مولودها حين خرج منها، ومن الذي قطع الحبل السرّي بينه وبينها وبأي آلة، هل كان هناك ثدييات لتراقبها وتقلّدها أم أن هذا النوع من المعرفة يأتي بالفطرة؟ هل أرادت حوّاء أن تكون أماً أم لا، ثم كيف لها أن تعرف إذا كانت هي نفسها لم تولد من رحم أم ولم يكن في الدنيا أنثى أخرى قبلها! سمعنا أن حوّاء وآدم ارتكبا معصية، وأنهما طُردا من جنة عدن. عوقِب آدم بأن يشقى في الأرض، وهو عقاب قد نرى من موقعنا في العالم الحديث أنه ليس خاصاً بالرجل، بل بالبشر جميعاً رجال ونساء. لكن عقاب حوّاء يخصّها وحدها ولا يشاركها فيه رجلٌ وهو آلام الولادة «تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلِدين أولاداً، وإلى رجُلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليكِ» سفر التكوين ٣: ١٦].
من الصعب تخيّل الولادة الأولى على الأرض، بدون خبرات سابقة وبدون مؤسسات. من الصعب تخيّل النساء اللواتي ولَدن في الصحراء والحقول وغرف الخبيز وأطراف المدن أو فقدْن حياتهن قبل اكتشاف التخدير أو المضادات الحيويّة. ولكن يظل من الصعب أيضاً أن تلدي وأن تكوني أماً، اليوم، ومع كل الامتيازات الطبقيّة والطبيّة الممكنة. الولادة فعلٌ فرديٌّ، بغضّ النظر عن الأطباء والمساعدين ودعم الزوج والمحاليل والمسكنات. أنت وحدك عليكِ أن تلدي وأن تتحرري مما بداخلك لأن الألم أصبح لا يُحتمل، لأن حياة المولود أصبحت مرهونة بالانفصال عنه ولأن وجودكِ أصبح موقوفاً على هذا الانفصال.
ستبدأين بعد الولادة رحلة مع كائن من المفروض أنّه جزء منكِ ولكنّه أحياناً أيضاً يبدو لك غريباً. مع كل خطوة في هذه الرحلة سيواجهك سؤال جديد كأن عليك اختراع أمومتك من البداية، كأنها لم تحدث لأحدٍ قبلك، كأنها اختبار لا نهائيّ لوجودك الشخصيّ ذاته، لعلاقتك بجسدك أولاً ثم لعلاقاتك بكل ما كنتِ تظنين أنه أنتِ ثانياً.
إذا كنتِ تأملين أن الجُهد النسوي في القرن العشرين سيستمع إلى تجربتك فربما سيصيبك الإحباط؛ فالكثير من النظريات النسويّة في معارك من أجل حقوق المرأة، المساواة في العمل وأمام القانون وفي الفضاء العام، ومن أجل ذلك عليها أن تقوم بتعميم فكرة المرأة، بالبرهنة على موضوعيتها كمجموعة، كقوى في المجتمع، كندّ لجماعة الرجل. عندما يأتي الأمر للأمومة، تظهر تناقضات النسوية الغربيّة لأنها لا تستمع إلى الخبرات الفرديّة، وإذا حدث واستمعت فإنها تنقدها بدعوى أنها إما تفصل بين خبرة الأمومة والمجتمع بمؤسساته، أو تفصل داخل الأمومة بين الذات والآخر، أو لأنها فشلت في كل الأحوال في سرد الخبرة الذاتية التي يمكنها أن تدعم هذا الخطاب النسوي أو ذاك[7].
ستجدين أكثر الحركات النسويّة راديكاليّة تدافع عن حقوقك في أخذ إجازة وضع بمرتب، في تقليل ساعات العمل أثناء الرضاعة، في الاعتراض على تقتير الدولة في دعم مؤسسات رعاية الأطفال أو عدم أخذ التأمين الصحيّ لاكتئاب ما بعد الولادة بجديّة. قد تفتح الحركات النسويّة ملفات مسكوتاً عنها، مثل حقوق الأم بدون زوج، أو الأم المثليّة ولكن في كل تلك الانتصارات، معركة الخطابات النسويّة في معظمها مع المؤسسات، كأنّ الأمومة خبرة مُغلقة على نفسها داخل جماعة النساء في معركتها مع الذكورة دون الحفر داخل هذه الخبرة «المختلفة» والتي يمكن أن تُغيّر وعي المرأة والرجل معاً. إلى أن تنتبه النظريّات النسويّة إلى العنف والغضب والإحباط داخل الأمومة، عليكِ أن تسردي تجربتك أو تأنسي إلى السرد الذي يساعدك على إدراك كم أنك لستِ وحدَك.
قصّة
كان ابني في الرابعة من عمره عندما سألني: ما هو المكان الذي زرناه أمس؟
حاولتُ أن أتذكر، ولما اكتشفت أننا لم نذهب إلا إلى الحضانة والحديقة في الأيام الماضية، فكرتُ في الأسبوع السابق: ذهبنا إلى طبيبة يوسف. نظر إليّ وقد نفذ صبره: لا، لا، أمس. ظننتُ أن سوء التفاهم لا يدور حول مكان بل حول الزمن؛ ربما أمس بالنسبة له هو الشهر الماضي مثلاً. فشلتْ محاولاتي في الوصول إلى إجابة. بعد جهدٍ، اكتشفتُ أنني كنتُ ببساطة معه في الحلم؛ أنّه عندما يحلُم، وأكون معه في الحلم، فأنا فعلاً كنتُ معه ومن الطبيعي أن أتذكر ما حدث لنا هناك.
في الاستئناس بالسّرد
في رواية ج. م. كوتزي إليزابيث كوستيلّو ، «يرفض جان ابن الكاتبة الشهيرة إليزابيث كوستيلّو أن يقرأ ما تكتبه أمه، هو لن يقوم بذلك إلا عندما يصبح في الثالثة والثلاثين من عمره»؛ "ذلك كان ردّ فعله تجاهها، انتقامه من بابها الموصود في وجهه. لقد أنكرته، لذا فقد أنكرها. أو ربما أنه رفض أن يقرأها من أجل أن يحمي نفسه"[8]. كيف أنكرت كوستيلّو أطفالها ولماذا؟ يقدّم لنا السرد شظايا متناثرة عن أداء كوستيلّو كأم؛ فعلى قدر ما يستطيع جان أن يتذكر «كانت أمه تعزل نفسها في الصباحات من أجل الكتابة. كان من المستحيل اقتحام عزلتها تحت أي ظرف من الظروف. لقد اعتاد أن يفكر في نفسه كطفل سيئ الحظ، وحيد، وغير محبوب»[9]. نحن نرى أمومة كوستيلّو من وجهة نظر ابنها، هي لن تتحدث عن ذلك طوال الرواية، إنها تتحدث فقط عن كتابتها وبعض المواضيع الكبرى مثل الواقعيّة ومعاملة الحيوانات. يمكننا أن نتخيّلها أُمّاً شابة تعاني في تقسيم وقتها بين عملها وطفليْن، فتشعر بالذنب أحياناً لأنها لا تقضي الوقت الكافي معهما. يمكننا تخيُّل أماً متعكرة المزاج في ساعات الصباح وليس لديها طاقة للتعامل مع العالم فتوصد بابها في وجهه. ولكن تبدو كوستلّو أكثر تعقيداً من ذلك، جان نفسه يتساءل عن حقيقتها التي لا يعرفها، بينما في عمق ذاته هو لا يريد أن يعرف. لو كان بمقدوره أن يتحدث لقال: «هذه المرأة التي تتعلقون بكلماتها كأنها عرّافة، هي نفسها المرأة التي كانت تختبئ يوماً بعد يوم في مأواها في هامستيد، تبكي على حالها، تزحف مساءً في الشوارع الضبابية لشراء السمك والبطاطس التي كانت تعيش عليها، تسقط في النوم بملابسها. إنّها نفس المرأة التي اهتاجت كعاصفة بعد ذلك في المنزل بملبورن، شعر ها يطير في كل الاتجاهات، وهي تصرخ في أطفالها: «أنتم تقتلونني! أنتم تمزقون اللحم عن جسدي!»»[10]
أدريان ريتش ليست شخصيّة روائيّة مثل إليزابيث كوستيلّو؛ لكنها كاتبة وأم أيضاً. كتبت ريتش في يومياتها في مايو ١٩٦٥ « أن تعاني مع ومن أجل وضد طفل – أمومياً وذاتياً وعصبياً يترافق أحيانا مع شعور بالعجز، وأحيانا أخرى مع وهم تعلُّم الحكمة - ولكنّكِ دائماً، في كل مكان، في الجسد والروح، أنت مع هذا الطفل - لأن ذلك الطفل هو جزء من نفسك»[11].
يمكننا أن نتخيّل أن ريتش بشكل ما هي كوستيلّو في إحدى لحظاتها. فرغم أن طفلها هو جزء منها إلا أن هناك لحظة تعجز فيها عن الخروج من كونها امرأة لديها مشروعها الخاصّ الذي يسبق كونها أماً بخطوة، أن هويّتها تكوّنت من خلال الكتابة، مثلما تتكوّن هويّة أفراد آخرين من خلال ما يريدون أن يساهموا به في هذا العالم. أن تكوني كاتبة وأماً، هو أمر لا ينطوي في حدّ ذاته على أيّ تعارُض ظاهر، ولكن ريتش تتحدث في أماكن متفرقة من كتابها عن احباطها لأنها لا تستطيع أن تجد وقتاً لنفسها، عن نوبات الغضب والبكاء، عن طفلها الذي يرفض أن تكون آخر بالنسبة له فهو يترك ما في يده ويقفز على الآلة الكاتبة بمجرد جلوسها للعمل. أظن أنها تمنّت أحياناً من طفلها، الذي هو جزءٌ منها، أن ينفصل عنها بعض الوقت، أن يصدّق أنه من حقها أن تذهب وحيدة لمقابلة نفسها. ريتش مثل كوستيلّو تواجه هذا التجاور بين هويتها ككاتبة وهويّتها كأم: «من وقتٍ لآخر يسألني أحدهم: ألم تكتبي أبداً قصائدَ عن أطفالك؟. لقد كتب الشعراء من جيلي قصائدَ عن أطفالهم - عن بناتهم خصوصاً. بالنسبة لي، الشعر يوجد حيث لا أكون أماً لأحد، حيث أوجد كنفسي»[12].
إنه ليس مجرد تجاور بين مكوّنين داخل هويّة الأم الكاتبة أو الكاتبة الأم، إنه تمزّق، صراع على الوقت والطاقة، عندما تنجح الكاتبة في أن تكون أماً ليوم ستشعر بالفشل تجاه ما لم تنجزه من قراءة أو كتابة، عندما يكون لديها يوم لنفسها ستتألم من أنانيّتها. حين تتمكّن في يوم ثالث أن تكتب بينما يجلس طفلها على ركبتيْها، وأن تلعب معه لعبة الاستغماية بينما تفكّر في تغيير كلمة في قصيدة، لا توجد ضمانة أنها لن تشعر بالذنب أو الفشل في فعل ذلك. أيضاً، لا توجد ضمانة أن طفلها سيقرأ ما كتبته يوماً أو أنه لن يكون غاضباً مثل جان ابن إليزابيث كوستيلّو.
وأنت تلدين تذكّري أنك لستِ بيْضة، سوير نفسها تعرف ذلك، قد تشعري لأيام أو ساعات، أنكِ تحت رحمة «رحم» مُحاط بأعضاء أخرى، ولكنه محاطٌ أيضاً بوجود وتاريخ سابقين للحمْل. صحيح أن الولادة هي تلك اللحظة التي ستشقكِ إلى نصفين. ولكنّ أليْس بحياة كلّ منّا كسْر ما، شرخ، كما يقول سكوت فيتزجيرالد[13] ؟ أليس هذا الشرخ هو هويّتنا التي نتحرك بها في العالم؟ الولادة هي عتبة في رحلة، إنها المجاز الذي يقوم به الجسد لكي يعي ذاته. أدريان ريتش تقصّدتها من أجل ذلك: «كنتُ أحاول أن ألدَ نفسي، وبشكلٍ ما كنتُ مصممة أن أقوم بذلك عبر الحمل والأمومة»[14]. كأن سوير وريتش ـ كلّ بطريقتها ـ تريد أن تقول: أنا لديّ وعي بتصدّعي الذي أعيش معه من قبل الولادة، أنا هشّة، وإعطاء هذه الدّمية الحياة وانفصالها عني شرخ جديد في وعيي، أنا لم ألد هذه الدّمية للتوّ وحسب، بل عليّ من أجلها أن ألدَ نفسي أيضاً، ولادة شخصيّة، تجذّر شروخ ذاتي السابقة أو تساعدها على الالتئام.
على سبيل الخاتمة: قصيدة «مراد»
— لن تموتَ الآن، أنت أربع سنوات فقط يا حبيبي.
— ربما ستكون وقتها مستعداً يا حبيبي.
— ربما لأننا، أقصد... ربما لأننا أكبرُ من الحياة يا حبيبي.
— ولكنني لستُ على اتصالٍ به يا حبيبي.
- Anna Swirszczynska, Talking to My Body (Port Townsend, WA: Copper Canyon Press, 1996).
- Georges Bataille, Literature and Evil, trans. Alastair Hamilton (London: Calder and Boyars, 1973), 11.
- Richard Dawkins, The Selfish Gene (Oxford: Oxford University Press, 1989).
- هناك دراسات واستقصاءات عديدة تؤكد مركزية الشعور بالذنب في في الأمومة الحديثة، على سبيل المثال:
- على سبيل المثال:
- http://www.womenandchildrenfirst.org.uk/what-we-do/key-issues/maternal-health-maternal-mortality/maternal-mortality-statistics?gclid=CLm-vvmMucUCFYgRHwodIowAGA
- انظر، على سبيل المثال، النقد الذي توجهه باتريس ديكوينزيو لأي اقتراح ببناء نظري اعتمادًا على الخبرة الشخصيّة، فهي ترى أهمية الخبرة الشخصيّة ولكنها تؤكد تناقضها وفشلها كما تجربة الأمومة عند أدريان ريتش في
- J. M. Coetzee, Elizabeth Costello (New York: Viking, 2003), 5.
- Ibid., 4.
- Ibid., 30.
- Rich, 22.
- Ibid., 31.
- F. Scott Fitzgerald, The Bodley Head Scott Fitzgerald: The Crack Up and Other Autobiographical Pieces (London: Bodley Head, 1965), 273–278.
- Rich, 29.
On Motherhood and Violence
Iman Mersal
Translated from Arabic by Anna Ziajka Stanton
“You are not going to defeat me,” I say
“I won’t be an egg which you would crack
in a hurry for the world,
a footbridge that you would take on the way to your life.
I will defend myself.”[1]
The above passage is from a poem by the Polish poet Anna Swir (1909–1984), and in it she is speaking to her infant daughter. Yet the poem was published for the first time only in the early 1970s; that is, if we look to the poet’s biography, at least thirty years after she gave birth. So as a reader it is difficult not to wonder: Did Swir need all those years to nurture a certain anger toward her newborn child, an anger that she reclaims or redevelops in this poem, titled Maternity, where we find the arrival of the newborn threatening the life and very existence of the mother? The profoundness of Swir’s insight lies not in her having turned the struggle between the mother and her infant child into something general — it is not a contest over ownership, gender, or generational differences — but in her linking it with the biological process of childbirth. In this process there are two participants: one is a being who, before the moment of giving birth, lived, became someone, made choices determinant of her own existence; the other, this small thing, this doll, that has just emerged into life from the former’s innards.
The idea of a struggle between the mother and her newborn child falls outside the grand narrative of human experience, which records motherhood as a practice of giving, of mutual identification between two selves, of love at once unlimited and unconditional. It is as though Swir’s poem makes us recognize two motherhoods: a mainstream motherhood — shaped by religious rhetoric, philosophy, ethics, and social norms — where motherhood is seen as a human instinct naturally immune to conflict and anxiety; and a marginal motherhood, whose narrative fragments can be found in certain medical books, in literary texts, and in stories of domestic crime, in which disjointed voices try to express the fear and conflict and anxiety of motherhood as mental illness, in writing, or as crime. What concerns me here is not how specific features of motherhood became firmly established within the dominant narrative, but rather how we can attend to what is outside of and in opposition to this narrative. How we can acknowledge that motherhood, supposedly characterized by altruism and sacrifice, may also encompass selfishness and a deep sense of guilt. How we can view it, at least in some of its aspects, as a struggle for existence, as tension between the self and the other, as an experience of connection and separation of the sort that occurs at many of life’s thresholds — birth, weaning, death.
The idealization of motherhood in the dominant cultural narrative only increases the feeling of guilt among those whose own personal experience has made them doubt the essence of the ideal. The dominant narrative greets any expression of an experience different from the norm with moral and social condemnation — perhaps this is the reason for the scarcity of stories of motherhood that depart from the agreed-upon narrative. Perhaps this is also why Swir needed decades to free herself from having to say what was expected of her, and which in any case would not have been possible to say before the various efforts to extend feminist inquiry to everything generalized and structured about a woman’s relationship with her body and with the world.
The Crack in Motherhood Starts from Within
The mother refuses to be an egg cracked open by the baby during its passage into life. Latent here are the terror and gravity of the threat, for the birth of a new individual requires the death of other beings. As Georges Bataille sees it, the death of what came before is the indispensable condition of a new thing’s finding room to live[2]. It is as though what Bataille sees as the enchantment in the tragedy of life, Swir sees as a threat of annihilation, the tragic side of the most magical moments in life. Either way, the crack in motherhood starts from within.
In his book The Selfish Gene, Richard Dawkins describes the endless battles that the gene must win for the preservation of the species. Survival is not for the fittest alone, but for the most selfish and the most able to prevail in the fight for existence against the other genes. There is no unconditional sacrifice; self-denial for Dawkins is a means of preserving certain genes, with investment in a given gene subject to its proving its capacity to sustain itself afterward[3]. The fetus inherits half its genes from the mother, and it depends on her for everything it needs to stay alive, even if what it needs is against her interests. The fetus’s programmatic mode of selfishness exploits the mother’s genes and makes her renounce herself for its sake, through “love.” If we imagine that a woman’s desire to be a mother is bound up with her desire as an individual for an extension of herself, an image, her wish to leave a part of herself living after her death; then love, altruism, and sacrifice are feelings not devoid of self-love, nor of selfishness on the part of the mother herself.
Indeed, any medical description of the processes of pregnancy and childbirth furnishes us with numerous metaphors related to threat, conflict, selection, investment, and danger. The womb defends itself against the harmful fetus, its walls increasing in thickness, which is what leads to menstruation; this is the means by which the mother’s body tests the viability of the embryo before allowing it to continue. The mother’s body must confirm that the pregnancy is a good investment for the future. The placenta will develop if the embryo wins its battle, but simultaneously a fine membrane must form separating the blood of the mother from the blood of the fetus — separation, and not mutual identification, being the condition of survival for both. The umbilical cord carries food and oxygen from the mother to her fetus and waste products from the fetus to its mother; yet during the transmission of what is necessary for the fetus’s development, diseases can also be transmitted to it from the mother. Biologically the fetus is alien to its mother’s body, a parasitic creature, and by being inside of her it may infect her as well with any number of diseases. It may cause her to die: before, during, or after childbirth. We cannot expect this struggle that happens on a biological level to disappear wholly from the relationship between the mother and her child after birth. It is this struggle that may introduce into each sacrifice the mother makes for her child a vague sense of threat, and into each practice of self-love a deep feeling of guilt.
My son pointed to a huge statue whose base showed a crocodile and a shark facing each other, and he asked:
“If the crocodile and the shark fought, who would win?”
“I don’t know, who do you think would win?”
“The dinosaur, of course!”
When there is a struggle between the self of the mother and the self of her child, then neither will be victorious: the dinosaur will win, “of course.” This dinosaur is guilt. It appears that guilt may be the single feeling that unites all mothers in spite of their differences[4]. It is implicit in the distance between ideal and reality in relationships of filiation, in love, work, and friendship. It also emerges out of the distance between the idealized vision of motherhood in the dominant narrative and the many failures that accompany it in personal experience. Guilt is such a core feeling that it serves to define the mother’s practices in her daily life: Your son’s weight is below average for his age group; you must not be feeding him enough. He woke up scared from a nightmare because he does not feel safe. You didn’t hug him when you dropped him off at school because you were late for work. You never learned how to ice skate, and though you go with him and stand in line with him in temperatures several dozen degrees below zero, you will not be able to help him put on the unfamiliar shoes, and in the end he will go off to skate by himself while you wait for him in the café, reading a book. You are a woman who is in a bad mood in the morning and preoccupied in the evening. The other mothers enjoy playing chess and know many children’s songs by heart.
As soon as I had confirmation of the pregnancy that I had wished for with all my heart, I felt none of the happiness that I had expected. I was overwhelmed by a deluge of anxieties and the fear that my body was not up to performing this task. I was thirty-two, and I realized suddenly that I had never cared about my health before, that my body had always been only a vessel for what I thought of as my self, a machine that never demanded anything yet was expected to stay in service. I had been a heavy smoker for ten years, and I lived a semi-bohemian lifestyle that assumed the body needed neither regular meals nor defined hours of sleep. All of this was in addition to a history of taking antidepressants, sleeping pills, sedatives, and whatever else fell into my hands. This was the history of my body before the pregnancy. But as soon as I became pregnant, I was faced with multiple institutions working night and day to enlighten me about the possible risks that this personal history might pose to the fetus. In my experience of motherhood, the feeling of guilt preceded all the others.
I called my father one morning during my third month of pregnancy to ask him whether I’d had German measles as a child. He told me, “You never had measles as far as we know, but what’s German measles?” In truth I had no idea if we were talking about two kinds of measles or one. I had read the previous night about the dangers associated with the mother’s contracting German measles, how the infection could be transmitted to the fetus and lead to a child being born dumb, blind, or with defects of the heart or nervous system. It hadn’t occurred to me that I would disagree with my father over the medical terminology. I asked him if he could get a report from our health collective listing all the vaccinations I’d been given as a child. My father answered simply that the collective we had belonged to until the end of the seventies had been demolished, and that he had watched with his own eyes as all the files inside burned before they could be moved to another building.
For and Against Institutions
Perhaps I thought that not reading all the facts about German measles was more merciful to myself than knowing them, that definitive knowledge opened the door to fear and nightmares. Meanwhile, the one institution that could have reassured me had vanished. A body without a documented medical history defies the revolution of modern medicine, which asks questions and offers an outlook on the future of the body partially from its history of illnesses and vaccinations.
The modern woman is unable to enjoy peace of mind while she is besieged by knowledge of what is happening to her pregnant body day by day: from her doctor, from publications provided by the health office, from how-to books that tell her here’s what you should eat and this is how you should feel and these are the average weight gains that you will experience at each stage, from medical reports that describe for her the nausea and strange dreams of the early months, and the back pains and frequent urination of the final ones. And beyond this: a mountain of printed books and specialized medical websites that warn of the disasters that can befall her and the thing in her womb, from miscarriage to premature birth, from eclampsia to fetal deformities, from chicken pox to the possibility of delivering a child who is handicapped, malformed, afflicted with birth defects.
Do the institutions of modern medicine come between the mother and her fetus? Did I mean by my story that knowing the risks during pregnancy can cause immense anxiety, while happiness may result from being ignorant of them? There are influential writings critical of the role of the institutions of medicine, childhood, and motherhood in the West[5], but honestly I cannot adopt a position of “critique” toward these institutions without conceding that in my case such a position would lack authenticity. According to the World Health Organization, between 289,000 and 343,000 women die annually from complications during pregnancy and childbirth, and 99% of those who die are in the so-called third world[6]. I went through the process of pregnancy and childbirth in the first world and I enjoyed every one of its medical advantages, but originally I belong to the so-called third world. My attitude toward the institutions of medicine, childhood, and motherhood is complex and inseparable from my experiences in both worlds. When I was a child I knew women who died in childbirth. I could tell any number of stories; but why should we digress? It is enough here to say that my mother herself died at age twenty-seven, a few hours after delivering a stillborn child. And that there were no books within her reach that she could have read to learn that several days of silence from a fetus in the ninth month is a sign of danger. And that the hospital she went to was unable to save her. My mother, who died in the 1970s, is a perfect example of so many third-world women up to the present day, women who are unlucky enough to give birth at a moment when traditional medicine and channels of shared oral knowledge are being cut off and disrupted by modernity, while the halting progress of this modernity means that there are not yet medical institutions available that can take their places.
I gave birth to my first son in Canada, far from family and in semi-isolation. I had arrived in Canada only a few months earlier and I hadn’t yet made any friends there, but there was universal healthcare. During a routine visit to the doctor, she told me seriously that she suspected I might be suffering from postpartum depression. She gave me a brochure about the disease and sent me to group therapy with five other mothers or patients who were facing a variety of difficulties. Over a period of six months, we would meet once a week with a psychiatrist and a social worker. We were asked at each meeting to complete a specific assignment that was called a “task,” such as telling about the time during the preceding week when we’d felt most afraid or about any desire we’d had to hurt ourselves or our babies, or recounting dreams and nightmares, or sharing how many times recently we’d abruptly burst into tears. All of the women were Canadian, born and raised in this city, and they all had family support of some kind or another, except for me and an Iranian doctor who hadn’t been able to get a license yet to practice her specialization in Canada.
One of us hated her mother, or so she told us: “I hate my mother, I despise her more than any other person in the world, and the fear is killing me that my relationship with my daughter will be like my relationship with my mother.” One of us suffered from insomnia and watched her son all night while he slept so she could wake him if he suddenly stopped breathing. The Iranian woman told us that she had delivered her son normally at the hospital, and everything had seemed fine except that for an entire week she was unable to nurse him naturally: “The milk solidified in my breasts. My son has a birth defect on his lower lip, and it prevented them from producing milk. The doctors tried everything with me and nothing worked. I called my grandmother in Isfahan and told her what was happening to me. She said, ‘Get a fine-toothed comb, put it in warm water, and after drying it off stroke your breast with it a few times every two hours.’ She also told me, ‘Put the child under your armpit so that his feet are behind you and support his head with your hand as if you were dancing with him, and he will nurse.’ I succeeded in nursing him after less than a day.” Doubtless we were all dazzled at the genius and the success of this traditional advice, but the Iranian doctor appeared miserable. It seemed to me as if she were unable to enjoy any part of the experience because motherhood had happened to her somewhere other than her place of origin, as though her happiness were postponed until she returned there. I realized that regardless of the effectiveness of the group therapy and the institution supporting us, she and I did not feel safe because we were having this experience far from our families, and because there is a certain frame of reference that we lack when far from home.
The Frame of Reference for Motherhood
It appears that thinking about motherhood calls for looking in two different directions at once: toward the past, when you were daughter to a mother, and toward the future, when you became mother to a child. I don’t know exactly how the experience of being a daughter shapes that of being a mother, but I can easily imagine the impossibility of putting it aside and ignoring it. Might this itself be an unperceived reason for the stress of motherhood? If your own mother was very affectionate, perhaps you wish to be like her, and perhaps you feel guilty because you cannot. If you were your mother’s primary project in which she invested everything she had so that you would be as she wanted you to be, you might replicate the same investment with your child. Or you might watch yourself so that you don’t put your child through the same torture, after having tortured yourself to break free of your mother’s ambitions. Whether your mother was calm or violent, warm or cold, sane or crazy, she must provide a frame of reference for your visions of how to be a mother. But what if your mother died before you could remember her relationship with you? What about the absence of the mother, or her disappearance, as a personal frame of reference that you can adopt or fight back against when you become a mother? What about the experience of motherhood far from home, where you yourself are absent from your “mother land”? Does this make you more free, or more lost, as you perform your role as a mother?
Eve may be the only woman who went through the experience of motherhood without any personal or collective memory of being the daughter of a mother, without a frame of reference by which to be guided. How did Eve give birth to her first child, then? How did she deal with the nausea during the early months, and did she love her child as soon as he came out of her, and who cut the umbilical cord between them and with what tool, and were there other mammals nursing for her to watch and imitate or does this type of knowledge come from instinct? Did Eve want to be a mother, or not, and how could she know when she herself was not born of a mother’s womb, and there was no other woman in the world before her! We have heard that Eve and Adam sinned, and that for this they were cast out of the Garden of Eden. Adam was punished by being made wretched upon the earth; this punishment, as we can see from our vantage point in the modern world, was not for men alone but for all human beings, men and women both. But Eve’s punishment was for her alone, not to be shared by any man, and this was the pains of childbirth: “I will greatly multiply your sorrow and your conception; in pain you shall bring forth children. Your desire shall be for your husband, and he shall rule over you.”[7]
It is difficult to imagine the first birth on this earth, aided neither by prior experience nor by institutions. It is difficult to imagine the women who gave birth in the desert and in fields, in kitchens and on the outskirts of cities, or who lost their lives before the discovery of drugs or antibiotics. Yet it continues to be difficult to give birth and to be a mother today, even with all possible advantages of social class and medicine. Childbirth is an individual act, regardless of the doctors and assistants, the support of a husband, solutions and sedatives. You alone must give birth and free yourself of what is inside you, because the pain has become unbearable, because the life of the child has come to depend on your separating from him and because your existence, too, has become conditional on this separation.
After the birth, you will start a journey with a creature who must be a part of you yet who sometimes seems to you like a stranger. With each step of this journey, a new question will confront you, as if it were up to you to create your own motherhood out of nothing, as if it had never happened to anyone before you, as if it were an endless test of your own existence as a person, first of your relationship with your body, and second of your relationship with everything you used to think you were.
If you had hoped that the feminism of the 20th century would be attentive to your experience, perhaps you will be frustrated. Most feminist theory fights for women’s rights and for equality in the workplace, before the law, and in the public sphere, and to do this it has to generalize the idea of the woman in order to demonstrate the objectivity of women as a group, as a force in society, and as peers among men. When it comes to motherhood, the contradictions of Western feminism become apparent. Western feminism does not listen to individual experiences, and if it did, it would be critical of them on the grounds that they make the experience of motherhood separate from society and its institutions, or that within motherhood they separate the self from the other, or because in all cases they fail to narrate a subjective experience that supports this or that notion of feminist rhetoric.[8]
You will find most feminist movements radical in their defense of your right to take paid maternity leave, your right to reduce your work hours while you are breastfeeding, your right to protest the state’s stinginess in supporting childcare centers or the refusal of health insurance providers to take postpartum depression seriously. Feminist movements can open files on what no one talks about, like the rights of unmarried mothers and mothers in same-sex relationships, but most of the victories of feminist rhetoric have been against institutions. It is as if motherhood were an experience locked away deep inside the community of women as they do battle against patriarchy; they are better off without digging up this experience of “difference” between women and men that could alter the consciousness of both. Until feminist theories pay attention to the violence, anger, and frustration of motherhood, you must narrate your experience yourself. Or you can familiarize yourself with the existing narrative, which will help you to realize that you are not alone.
My son was four years old when he asked me: “What was the place we visited yesterday?” I tried to remember, and when I realized that we had gone nowhere in the past few days except to the daycare and the park, I thought of the previous week. “We went to see Yusuf’s doctors.” He looked at me impatiently. “No, no, yesterday.” I considered that perhaps the misunderstanding was not over the place but over the time; maybe, for instance, yesterday to him meant last month. All of my attempts to answer him failed. After a great deal of effort, I discovered that I had simply been in his dream; that when he had a dream, and I was with him in that dream, I was really with him, and so it was only natural that I would remember what had happened to us.
On Familiarizing Yourself with the Narrative
In J. M. Coetzee’s novel Elizabeth Costello, John — the son of the famous writer Elizabeth Costello — refuses to read what his mother writes; he will wait to do this until he is thirty-three years old: “That was his reply to her, his revenge on her for locking him out. She denied him, therefore he denied her. Or perhaps he refused to read her in order to protect himself.”[9] How did Costello deny her children, and why? The narrative offers us scattered fragments about Costello’s performance as a mother. For as long as John can remember, “his mother has secluded herself in the mornings to do her writing. No intrusions under any circumstances. He used to think of himself as a misfortunate child, lonely and unloved.”[10] We see Costello’s motherhood from the perspective of her son. For the whole length of the novel she will not discuss it; she talks only about her writing and about big subjects like realism and the treatment of animals. We can imagine her as a young mother taking pains to divide her time between her work and two children, feeling guilty sometimes because she does not spend enough time with them. We can imagine a mother who has bad moods in the mornings, and who, lacking the energy to deal with the world, locks the door in its face. Yet Costello seems more complicated than this. John himself wonders about her true self that he does not know, and which deep inside he does not want to know. If he were to speak, he would say: “This woman… whose words you hang on as if she were the sibyl, is the same woman who… hid day after day in her bedsitter in Hampstead, crying to herself, crawling out in the evenings into the foggy streets to buy the fish and chips on which she lived, falling asleep in her clothes. She is the same woman who later stormed around the house in Melbourne, hair flying in all directions, screaming at her children, ‘You are killing me! You are tearing the flesh from my body!’”[11]
Adrienne Rich is not a fictional character like Elizabeth Costello, but she too was a writer and a mother. Rich wrote in her journal in May, 1965: “To suffer with and for and against a child — maternally, egoistically, neurotically, sometimes with a sense of helplessness, sometimes with the illusion of learning wisdom — but always, everywhere, in body and soul, with that child — because that child is a piece of oneself.”[12] We can imagine that Rich, at certain moments, is Costello in one form or another. Although her child is part of her, there is an instant when she is helpless to stop being a woman with a project of her own that predated her being a mother. Her identity was shaped through writing, just as the identities of other people are shaped through what they hope to contribute to this world. There is no obvious contradiction per se in being a writer and a mother, but Rich talks in various places in her book about her frustration because she cannot find time for herself, about bouts of anger and tears, about her child who refuses to let her be an other to him, and drops whatever he has in his hands to spring at the typewriter as soon as she sits down to work. I think that she hoped that her child who was part of her would separate himself from her once in a while and accept that it was within her right to go off sometimes to encounter herself. Rich, like Costello, confronted this juxtaposition between her identity as a writer and her identity as a mother: “Once in a while someone used to ask me, ‘Don’t you ever write poems about your children?’ The male poets of my generation did write poems about their children — especially their daughters. For me, poetry was where I lived as no-one’s mother, where I existed as myself.”[13]
It is not just a juxtaposition between two elements within the identity of the mother-writer or the writer-mother, but a ripping apart, a struggle over time and energy. When the writer succeeds in being a mother for a day she will feel like a failure for all the reading and writing that she did not get done, and when she has a day to herself she will agonize over her selfishness. When she is able, on a third day, to write while her child sits on her knees, and to play hide and seek with him while she thinks about how to change a word in a poem, there is no guarantee that she will not feel guilty or feel like a failure even while doing this. Moreover, there is no guarantee that her child will read what she wrote someday, or that he will not be angry like John, Elizabeth Costello’s son.
When you give birth, remember that you are not an egg. Swir herself knows this. You may feel for days or hours that you are at the mercy of a “womb” surrounded with other organs, but it is surrounded as well with an existence and a history prior to pregnancy. It is true that the instant of giving birth will split you into two halves. But isn’t there, in each of our lives, a breakage, a crack, as F. Scott Fitzgerald says?[14] Isn’t this crack itself part of the identity with which we move through the world? Childbirth is a threshold on a journey; it is the crossing that the body undertakes to become self-aware. Adrienne Rich broke herself for the sake of this: “I had been trying to give birth to myself; and in some grim, dim way I was determined to use even pregnancy and parturition in that process.”[15] It is as if the two poets Anna Swir and Adrienne Rich — each in her own way — is trying to say: I recognize my own cracks; I lived with them before I gave birth. I am brittle, and giving life to this doll, and then its separation from me, is a new crack in my being. I did not only have to give birth to this doll but I must give birth to myself as well for its sake, and this self-birth will reconfirm the cracks already within me, or help them to mend.
By way of conclusion: the poem “Mourad”
— I don’t want to die, mama.
— You won’t die now, you’re only four years old, habibi.
— I don’t want to get old, then die, mama.
— Maybe by that time you will be ready, habibi.
— But why do we die, mama?
— Maybe because we, I mean… maybe because we are greater than life, habibi.
— Tell God that Mourad doesn’t want to die, mama.
— But I’m not in touch with him, habibi.
- Anna Świrszczyńska, Talking to My Body (Port Townsend, WA: Copper Canyon Press, 1996).
- Georges Bataille, Literature and Evil, trans. Alastair Hamilton (London: Calder and Boyars, 1973), 11.
- In his book, Dawkins treats the mother as a machine who does everything in her power to make her genes live on in others (106). In a separate context, he also addresses the selfish behavior of the child, where no matter what his mother has sacrificed for his sake, his own life continues to be, for him, of greater value than hers, because in the end she is only the source of half his genes (131). See: Richard Dawkins, The Selfish Gene (Oxford: Oxford University Press, 1989).
- There are numerous studies and surveys that confirm the centrality of guilt in modern motherhood, including: Susan J. Douglas and Meredith W. Michaels, The Mommy Myth: The Idealization of Motherhood and How It Has Undermined All Women (London: Free Press, 2005); Sheila S. Coleman, Mommy Grace: Erasing Your Mommy Guilt (New York: Faith Words, 2009).
- For example: Adrienne Rich, Of Woman Born: Motherhood as Experience and Institution (New York: W. W. Norton, 1997); Sara Ruddick, Maternal Thinking: Toward a Politics of Peace (Boston: Beacon Press, 1989).
- http://www.womenandchildrenfirst.org.uk/what-we-do/key-issues/maternal-health-maternal-6mortality/maternal-mortality-statistics?gclid=CLm-vvmMucUCFYgRHwodIowAGA.
- Genesis 3:16, New King James Version [translator’s note].
- Look, for example, at the criticism leveled by Patrice DiQuinzio at any suggestion of a theoretical structure dependent on personal experience; she sees the importance of personal experience but affirms its inconsistency and shortcomings, as in the experience of motherhood for Adrienne Rich in Of Woman Born: Motherhood as Experience and Institution and for Sara Ruddick in Maternal Thinking: Toward a Politics of Peace. See: Patrice DiQuinzio, The Impossibility of Motherhood: Feminism, Individualism, and the Problem of Mothering (New York: Routledge, 1999), 205–220.
- J. M. Coetzee, Elizabeth Costello (New York: Viking, 2003), 5.
- Ibid., 4.
- Ibid., 30.
- Rich, 22.
- Ibid., 31.
- F. Scott Fitzgerald, The Bodley Head Scott Fitzgerald: The Crack Up and Other Autobiographical Pieces (London: Bodley Head, 1965), 273–278.
- Rich, 29.