”American Dad“، لا تريد النساء أن تسمع ما تفكر أنت فيه، بل ما يفكرن فيه بصوت أكثر عمقاً
إستبرق أحمد
«السبت»، الخامسة «زوالاً».
مارغريت.
أود مكاتبتك قليلا، كنت أبحث في سيرة شجاعتك وجرأتك، فتذكرته.
أعترف… لا أعرف كيف أكون إسفنجة مثلك، إزاء الصدمات والدهشة، فما زلت لا أستوعب صورته الأخيرة، مثقلاً بالاتهام.
و
هناك عدة أسباب لثرثرتي معك ، منها
ثالثاً: لأنك ولدت في فيتنام، بلد من الشرق، لذا تدركين وجود تشابه ما في عقليتنا، في توجساتنا حول مدى المؤامرات، وعدم نسياننا لحكايات الحب.
ثانياً: لأن هناك فارقاً هائلاً بينك و بين معشوقك «يان أندريا»، إذ فارق التسعة وثلاثين عاماً بينكما، لم تهزه تجاعيد الوقت، ولا لباقة الجسد، ولا لياقة المزاج، ستة عشرة عاماً، تمرغتما في العواطف، ماسوشيته يقابلها توافر ساديتك، ولم تهتما.
و
أولاً : لأنك كاتبة، لذا تعرفين أننا ذات حساسية مفرطة إزاء كل ما هو حولنا، وربّما كتابك «العاشق» أبرز الأدلة على رهافتنا نحن النساء/الكاتبات.
أما
ماقبل أولاً… أنت أيضاً فقدت والدك.
ربما لكل هذه الأسباب وغيرها، أحادثك عن ذلك الأب الأمريكي، المداوي لمشاهدي الثمانينات وبداية التسعينات بتحنان الأخلاق والفكاهة. وأنا هشة تجاه الآباء.
تعرفين يا «مارغريت دوراس»*
قد لحقت على التماعتهما
كانا الأشهر في لعبهما، في استقطابهما للكركرات والمرح.
لم أكن أحب إيدي ميرفي مطلقاً في شرطي بيفرلي هيلز، أستهجنه حتى في علاقاته الغريبة، ولم أتابع مغنيات سبايسي غيرلز، و لا همني أخذه لإحداهن للغواية، وأنها لولا رب الـ«دي إن إيه» لما تحصلت على تأكيدات أبوته لطفلتها، رب المعادلات الرياضية يغرس علمه في مادة لزجة، يكشف المخفي من الصلة، في النسبة والتناسب، مؤكداً «الولد لرقم التطابق».
جمهور الفضح، سعدوا بتكرار السحر مع أحمد الفيشاوي في قضيتة الشهيرة، وظهورات والديه في الطعن والرفض ثم الإقرار والقبول والإنصاف، بينما مازلوا بانتظار فيلم أحمد عز وزينة والتوأمان، والإنكارات الساذجة تحيلني إلى «ميرفي» المغالي بالسماجة، الذي أحببته فقط في شخصية «البرفسور نوتي» ضحية التراكيب الكيميائية ولم أهتم لـ«ميرفي» في خروقاته للعلاقات. لكنني صعقت كالجماهير إزاء الآخر الشهير، الطبيب المحبوب في الصحيفة الملقاة على طاولة الصباح. أظنني كنت سعيدة ذلك اليوم، لأنني ما إن شاهدته وقرأت العنوان، حتى شعرت بانتقالي على جسر الصدمة إلى عتمة الكدر.
رأيت د. هيثكليف هاكسبل، المعالج الأبرز بضحكنا له في البرامج المتلفزة، بأبوته العارمة، كيف تخربشت صورته إثر كل سطر بالخزيّ والوجع.
كيف تلعنه عبارات نساء كن صغيرات جداً، يذكرن ترائي وجهه حاد الزواي معهن، بقلب غليظ الممارسات، مرهون للفجاجة، قلن:
— لم يهتم إلاّ بنفسه.
أكدن:
— ولم يسمع رفضنا تكراراً.
أصررن:
— أخضعنا لنزواته.
مارغريت
أخبريني عن التحولات، أنت ذات الحكايات الغريبة في التغيرات، صاحبة «نشوة الأوامر وتسلطها» على حبيبك، عاطفة وإجبار. لديك في «إيروتيك» حياتك نتائجها على الجسد، على الروح، على من يريد أن يكون ضحية ومن لايريد في سرير الشهوة وسرير القهر، صوامع الخوف والصد.
يا أيتها الجريئة يا من كانت حياتك كنصّك مغايرة،
أخبريني هل تجدين لهيثكليف هاكسبل/ «بيل كوسبي» العذر؟ ألمحتِه يوماً في شاشة التلفاز أنت التي غادرتنا في 1996؟ رأيت سمته؟ في ملابسه التقليدية، متمثلاً برجل أسمر دافئ، جالساً على أريكة، يحتضن ارتباك إحدى بناته وشقاوتهن الآسرة، يخاطب الملايين، بحكمة البليغ؟
أيمكن غرقه في التضاد والازدواجية إلى حد القسوة؟
أخبريني بحكمتك، بجرأتك، بشغفك، بخبرتك، بحياك، بنصّك، أسلميني حقيقة الإجابة التي أفتش عنها في حياتك ونصّك، وأخبرك حين حاوره التلفاز، عن الأقاويل، رأيت عصابة الأحزان تلف رأسه وتهديه وجه الكآبة.
تمعّنت بأسى لا ينكر ولا ينصف
تثلّمت ذكرياتي وباتت على شفا التكسر.
رأيتني الفتاة المراهقة آنذاك، المرأة الآن كغيري من النساء المحبّات لـ «نجمنا الأبويّ» نريد على عكس ما يتوقع بيل كوسبي «أن نسمع ما يفكر هو فيه» إزاء الاتهامات
نريده
أن لا يبدو ساهماً، أن لا يبدو شاحباً،
أن لا يكون كاشطاً لأجساد الصغيرات وذكرياتنا…
وأن يخبرنا
عن كنه «الفعل، عن دهاليز الحقيقة»
أن يجيب.
B:C بيل كوسبي ممثل أمريكي.
مارغريت دوراس: كاتبة فرنسية.